الوكالة الأولى المتخصصة بأنباء الملكية الفكرية في العالم
عضو في طلال أبوغزاله العالمية

طلال أبوغزاله.. في عيون ثلاثة مرموقين ألفوا كتبا عنه

27-آب-2023 | المصدر : وكالة أبوغزاله لأنباء الملكية الفكرية | عدد الزيارات : 513

خاص بوكالة أنباء أجيب

بقلم : غادا فؤاد السمّان

كُثُر هُمُ الذين استبدّ بهم شغف الكتابة عن مسيرة وسيروة "طلال أبوغزاله "، حتى أصبح لسيرة هذا الرجل الأستثنائي، مكتبة خاصّة فيها عشرات المؤلفات بأقلام عربيّة لأسماء حاشدة بين هواة ومخضرمين، وتكاد المؤلفات التي تستنسل حبرها من ينبوع طلال أبوغزاله الثري، شخصياً والذي وثّقه خطوةً خطوة، وحرفاً حرفاً وبصمةً بصمة، تحمل ذات الجغرافيا الجِيْنيّة لتلك المؤلفات، التي تنطلق من نزوح الطفولة ومعاناتها الشديدة، إلى التفوّق واليفاعة والوعي المبكّر، إلى الشباب الطموح الجريء المثابر، إلى تحدّي الظروف بعزم وتصميم مُبهر، ثمّ إلى التأسيس، ثمّ الترسيخ، ثمّ التكريس، وهكذا حتى صارت ملامح تلك المراحل مرئيّة تماماً في مخيلة كل قارىء، ومن جهتي ومنذ لحظة الحصول تقريباً على كامل المؤلفات التي تتقاطع في معظمها في ذات المحطّات التي عبرها طلال أبوغزاله في مراحل وظروف وأحوال كثيرة. إلا أنني أصطفي منها جميعاً كتاب الأستاذ "كريم بقردوني " -رجلٌ تسكنه المعرفة - في صدارة المؤلفات -ليس - لأنه سلك طريقاً مغايراً للحديث عن طلال أبوغزاله، أبداً..

بل لأن لإسم كريم بقردوني -ركن قديم - في ذاكرتي يعود لأكثر من ثلاثة عقود، منذ انتشار كتابه الأَشْهَر – لعنة وطن – الذي قرأته أيام الدراسة الجامعية وقد ترك حينها في ذاتي الأثر البالغ، ومع استقراري الطويل في لبنان منذ ذلك الحين وحتى اليوم، تعرّفت أكثر فأكثر إلى شخصيّة، كريم بقردوني السياسيّة، والقانونيّة، والإجتماعيّة، والإنسانيّة المحبوبة، من جميع الأطياف المتقاربة وحتى المتباعدة في لبنان ..

أيضاً من الإصدارات التي استوقفتني كتاب "رجل من المستقبل " للدكتور "جواد العناني " الذي كتب عن طلال الطموح، طلال الطاقة، طلال الإيجابيّة، طلال الوعد، طلال الحدث، وطلال الحديث الدائم في المجتمعات العالميّة قبل العربيّة، فمن عادة المجتمعات العربية أن ترى النجاح وتصمت، لأنها لا تملك غير لغة التهكّم والتنمّر والنقد والسخرية، لهذا الذين أحبّوا أبوغزاله كثر ولا شكّ، ولكنّ الذين يبغضوه أكثر بكثير لأنه ليس على شاكلتهم، لأنه رجل الحركة والحيويّة والحضور، وهم رجال المراوحة والاستسلام والغياب والخواء.. في كتاب الدكتور العناني تتفتّق قرائح الشغف بأن يكون لي اجتهادي أنا الأخرى لتأليف كتاب عن هذه الشخصية الاستثنائيّة، لكن بلمحة سريعة على ظهر الغلاف للمُؤَلِف الدكتور العنّاني تُدرك أنه يلزمك أزمنة ضوئيّة لتصل إلى عِشِر العتبات التي وصلها الدكتور جواد صاحب السعادة والمعالي والمكانات المرموقة والامتيازات التي لا تُحصى.. وهنا نُدرك أنّ النجاح هو سلسلة مترابطة، وأنّ "الأدب " بدون مؤسسات "حاضنة " مراوحة في المكان من أول السطر حتى آخر الألفاظ الأدبيّة، والأنفاس الشعرية لا غير حتى ولو ناهزت استمراريتك وشهادات تقديرك الألف عام..

كل ما تقدّم مستهلّ لكتاب قيد النشر وصلني والزملاء للإطلاع، المؤلّف فيه هذه المرّة من خارج المجرّة العربيّة تماماً، وهو ليس مجرّد مؤلّف من الولايات المتحدة الأمريكيّة، بل هو من ذات اللُحْمَة لمؤسسات القرار، في دوائر تقدير الأمور، وموازينها، واعتباراتها، وكلماتها المحسومة عند اللزوم ووقت الضرورة، هو من كواليس صميم الأمم المتّحدة التي تحمل على عاتقها شؤون العالم بكل ما فيه من تفاصيل مشرقة وتفاصيل قاتمة ومأزومة..

الكاتب هنا أميركي من أصول آسيويّة تعود للشرق الأدنى على ما أعتقد، وأقول على ما أعتقد لأنني لا أملك معلومات مؤكّدة حول الكاتب، ولا دراية تامّة بكل ما ورد في الكتاب فهو موضوع باللغة الإنكليزية الغنيّة بالمصطلحات والدلالات والتراكيب والمناسبات، ويعزّ عليّ القول بأنّه لا ترتقي معرفتي البسيطة في اللغة الإنكليزية التي بالكاد أتحدّثها لأكثر من حديث عابر يخلو من مختلف المحاور والأركان والأساسات المتينة للإحاطة نظراً لدراستي الجامعية لآداب اللغة الفرنسية والتي تحوّلت عنها إلى العلوم السياسيّة، لهذا وإن بدت في الواقع شخصية الدكتور طلال أبوغزاله حياديّة سياسيّاً، إلى أنها في عيون "ساربولاند خان " تبدو في صلب المعتركات السياسيّة العالمية لمن لا يعلم، فطلال أبوغزاله على سبيل المثال لا الحصر الذي حاضر في أكثر من مناسبة في العام 1999 عن مشاكل التغيير المناخي للقرن الواحد والعشرين، وهاهي السنوات والوقائع تشهد، والأمثلة أكثر من أن تُذكر في مقال محدود نسبيّاً..

كتاب  ساربولاند خان الذي يتألّف من / 305/ صفحة تقريباً، وفيه الكثير من الصور المُلْحَقَة بالنصوص والتي تشي بالكثير الكثير من ملامح المراحل التي قضاها طلال أبوغزاله، زائراً، أو محاضراً، أو مواكِباً، أو صائلاً، أو جائلاً، في المقرّات الدولية، والمؤتمرات العالميّة، يلتقي هذا ويصافح ذاك، بابتسامته العريضة والتي تختزل نظرته العميقه لذاته، كانت بمثابة مفتاح جميع الأبواب، والحلقات المغلقة، والوجوه الشاحبة، والأفئدة الفولاذيّة، والقلوب المثلجة، وكلّها وبلا استثناء كانت تقع تحت تأثير حضور هذا الفلسطيني الواثق بعروبته، والمجاهد في سبيل طموحاته التي تمثّل طموحات أمّة بأكملها لا طموحات فرد بعينه، والمناضل على جبهات الفعل لنصرة العزم والإرادة التي تحدّت جميع ما تقدّم من عثرات وعقبات ومطبات وصعوبات ومكائد، موزّعة بين منافسات مشروعة ومنافسات لنفوس غير شريفة أحياناً حاول أن تعيق مسيرته بشتى الطرق ولم تفلح..
كل ذلك وغيره الكثير استطاع ساربولاند خان أن يرصده في كتابه الذي أنتظر منه النسخة المترجمة للعربيّة، ربما في حينه أستطيع أن أكتب بدراية أكثر وتنبّه أعمق عن كتاب S.K،

خلافاً لما لفتني هنا للوهلة الأولى، من حيث أناقة الغلاف، وترتيب الإعداد في المضمون، ورقيّ المشهد عند التصفّح، وحركيّة الصورة بلقطاتها الرشيقة المؤثّرة، التي بوسع كل صورة في الكتاب أن تكتب فصلاً كاملاً من فصول سيرة أبوغزاله التي كلّما اعتقد أحدنا أنه ملمّ بهذه الشخصية تبيّن أنه مجرّد واهم، ولم يتجاوز هوامش هذا الرجل الذي يحفر اسمه بجدارة كأسطورة، تضيق عن كتابتها السطور...


مشاركة



مقالات ذات صلة